Newsletters

عندما تشتدُّ الأحداثُ وتتوالى الويلاتُ والنّكباتُ على شعبنا الفلسطينيّ، تبرزُ حاجةُ مدرستنا (مدرسة الفرندز) إلى الاستمرار بتركيزها على مفهوم العطاء للآخرين، مثل برامج العطايا البيضاء وخدمة المجتمع، وتطويعِ أساليبها وطرقِها مهما قسَتِ الظُّروفُ لتُبقي هذا المفهوم حيّاً، بهدفِ إيصال رسالته الأسمى والأنبل؛ وهي دعمُ الفئاتِ الّتي تزدادُ حاجَتُها لمثلِ هذه البرامج في ظلّ توتراتِ العالمِ وارتداداتِها،  لاسيّما عندما تعصفُ بها الظّروفُ وتقسو عليها من النّاحية الماديّة، حيث يتكبَّلُ تبعاتها بالدّرجةِ الأولى هذه الفئات الّتي تكدحُ يومًا بيومٍ علّها تجدُ ما تسدُّ به بعضًا من احتياجاتِها الأساسيّة في هذه الحياة.

ومع التَّحدياتِ الكبيرة الّتي عصفتْ وما زالتْ تعصفُ باستمرارٍ بشعبنا، يواصل برنامجُ العطايا البيضاء الّذي بدأ مع النّكبة عام 1948 مهامه بفاعليّةٍ وبشكلٍ مستمر؛ وذلك بعملِ وتنظيم آليته لجمع التَّبرّعات النّقديّة خلال الفصل الأول من كل عام دراسي، كي تصلَ في نهايةِ المطافِ إلى الجهةِ المحتاجة لها والّذين بدورهم ينتظرون هذه المساعدات بلهفةٍ تنمُّ عن حاجةٍ ماسةٍ لديهم لمثل هكذا مساعدات، والّتي نقفُ أمامها عاجزين قائلين: "لو باستطاعتنا عمل أكثر من ذلك لهم".

 إنَّ تطبيق برنامج العطايا البيضاء قائمٌ على اتّباع جدولٍ منظَّمٍ لعملية بيع المأكولات على مدار أسابيع متتالية، وذلك داخل مجتمع المدرسة، فالكلّ يُشاركُ بما يرغبُ به من وجباتِ الأطعمة الصّحيّة بيعًا وشراءً، في عملية تبادلٍ للأدوار شملت كلّ مجتمع المدرسة وكوادرها، الأمر الّذي جسّد حسًّا مجتمعيًّا نفخر بامتداده جيلاً وراء جيل، غارسين من خلالِهِ قيمًا  تُثبتُ الأيامُ مدى أهميتها وحاجتنا لها في شتى الظّروف، حتى بتنا نعتبرُ "برنامج العطايا البيضاء" تقليدًا موسميًّا سنويًّا في مدرسَتنا ننتظره بشغفٍ، ونتطلّعُ إلى تطبيقهِ بمحبّةٍ وحماسٍ؛ لأنَّ رسالةَ العطاء لا حدود ولا عمر لها، علّها تبقى رمزًا مجتمعيًّا.

أما برنامج الخدمة المجتمعية فيمتد على مدار العام الدراسي ويتخذ اشكالاً عدة. منها الزيارات المجتمعية التي يقوم بها كادرنا وطلابنا بشكل منظم للمؤسسات والجمعيات المجتمعية الهادفة لتعزيز التكافل الاجتماعي وتقديم الخدمات لدعم مختلف شرائح المجتمع.

ومع كلّ عملٍ وجهدٍ فيه طابع العطاء وحاجتنا الماسّة لذلك؛ لأنَّ حاجات الأفراد تتوالى ونرى في لحظةٍ أنَّ الكثير منّا ما زال يسعى للحصول على قوت يومه بمشقّةٍ، يبقى لنا مع كل عطاءٍ يحذونا أملٌ وإنْ كان وما زال أملنا هذا في هذه الحياة أن نرى رسالة عدلٍ ومساواةٍ كي لا نرى أحدًا حقًّا محتاجًا لأيّ مساعدةٍ ماديّة، وتبقى حاجتنا لِمُساندةِ ودعم بعضنا البعض في علاقاتنا الأخويّة الموسومة بالمحبّةِ والسّلام والأمان؛ لنعيش فرح الحياةِ بحقيقتها، فالحياة فيها من الخير والجمال ما لا يُحصى، ونريده لكلّ من فيها بتساوٍ وعدل.

فريدا دحدح خياط
مديرة المدرسة الأساسية

مع بداية فصل دراسي جديد، تطل علينا أيام معقدة وصعبة ، ونحن نواجه تحديات جسيمة تعكس واقعنا المؤلم في ظل تصعيد العنف والحصار على أهلنا في غزة، والاعتداءات المستمرة على مدننا وقرانا في الضفة الغربية. وبينما نشهد هذه المعاناة، نحتفي أيضًا بزغاريد الأمهات وأهالي أسيراتنا وأسرانا الأبطال وهم يعانقون الحرية بعد صمود استثنائي. وفي ظل هذا الأمل، نستمر بالدعاء والعمل من أجل الإفراج العاجل عن جميع الأسرى والأسيرات وان يعم السلام. 

رغم هذه التحديات الكبيرة، تستمر مدرستنا في حمل رسالتها الملتزمة بقيم العدالة والسلام. قبل أيام قليلة، اختتم طلابنا مؤتمر نموذج الأمم المتحدة (MUN) تحت عنوان “كشف القوى الخفية”. كان الحدث متميزًا باستضافة 13 مدرسة أخرى، حيث شارك حوالي 800 طالب وطالبة بفعاليات المؤتمر في حرم مدرستنا الثانوية على مدار ثلاثة أيام. لقد أظهر طلابنا مهارات قيادية رائعة، وحرفية عالية، وروح تعاون مميزة، في تنظيم حدث هادف يعزز المعرفة والمهارات القيادية لبناتنا وأبنائنا.

إنني أشعر بفخر كبير بطلابنا الذين يعكسون الأمل والمستقبل المشرق الذي نصبو إليه. وأتوجه بالشكر والتقدير للسيدة سماح حسين، مشرفة المؤتمر، التي قادت الطلاب بحكمة ودعم مستمر، ولكل أفراد الهيئة التدريسية والإدارية الذين ساهموا في إنجاح هذا الحدث. ويمتد شكري أيضًا إلى مجتمع المدرسة بأكمله؛ من داعمين، ومتبرعين، وأولياء الأمور، الذين يقفون دومًا إلى جانبنا.

وعلى صعيد تطوير بيئة المدرسة، استكملنا تجهيز معظم الأبنية والصفوف بأجهزة التكييف لتحسين بيئة التعلم. كما عملنا على تعزيز البنية التحتية والسلامة العامة من خلال تحديث شبكة التمديدات الكهربائية، تعبيد الساحات، والاستمرار بمشروع إنشاء صالة الملعب الداخلي للمدرسة الأساسية.

أما على الجانب الأكاديمي، فقد شارك طاقم المدرسة في مؤتمر برنامج البكالوريا الدولية (IB) لمواكبة أحدث التطورات، وعقدنا دورة لتعزيز الصحة النفسية للكادر المدرسي. كما وضعنا خطة تدريبية شاملة للكادر الأكاديمي سيتم تنفيذها قريبًا، بهدف الاستمرار في تقديم تعليم متميز.

بالأمل والعمل، نمضي قدمًا، ملتزمين بقيمنا ومبادئنا التي تعزز العدالة، وترفض العنف، وتؤمن بأن التربية والتعليم هما السبيل لتحقيق التغيير. نحن نعمل على بناء جيل فلسطيني واعٍ بقيمه، ملتزم بالحق، ومجهز بالمهارات والمعرفة اللازمة لإحداث التغيير الإيجابي.

دعونا نستمر معًا في طريق الأمل والعمل، لنصل إلى غد أفضل وحرية دائمة،

رانيا معايعة

المدير العام

تصوير عرين ريناوي